أخبار اليمن

البطاقة الشخصية الذكية في اليمن: مشروع طموح يواجه تحديات كبيرة

حدث نيوز : إبراهيم إسماعيل

تعد البطاقة الشخصية الذكية واحدة من أهم مشاريع التحول الرقمي التي تهدف إلى تحسين الخدمات الحكومية وتطوير البنية التحتية الإدارية. ورغم ما تحمله هذه الفكرة من إيجابيات، إلا أن تطبيقها في اليمن يواجه تحديات هائلة ومخاطر متعددة، تهدد بتحويلها من فرصة إلى أزمة.

البنية التحتية: أساس غائب

يعاني اليمن من غياب شبه كامل للبنية التحتية التقنية اللازمة لدعم مشروع البطاقة الشخصية الذكية.

  • ضعف شبكات الاتصال والإنترنت: تعاني البلاد من خدمات اتصالات غير مستقرة وغير آمنة، مما يجعل من الصعب تشغيل نظام متكامل يعتمد على التكنولوجيا.
  • غياب مراكز بيانات حديثة: اليمن تفتقر إلى مراكز بيانات متطورة وآمنة تضمن تخزين البيانات وإدارتها بشكل فعال وسليم.

التشريعات والقوانين: حماية مفقودة

  • غياب الإطار القانوني: لا توجد قوانين واضحة تنظم جمع البيانات الشخصية واستخدامها، أو تحدد حقوق المواطنين فيما يتعلق بخصوصية بياناتهم.
  • عدم اعتماد المعايير الدولية: اليمن لم تتبنَ أي معايير عالمية لحماية البيانات مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR)، مما يجعل البيانات عرضة للاستغلال بدون قيود قانونية.

الشفافية والإدارة: أسئلة بلا إجابة

من أهم القضايا التي تثير المخاوف حول هذا المشروع هو غياب الشفافية في التفاصيل المتعلقة به:

  • جهة إدارة البيانات: لم تُعلن وزارة الداخلية عن الجهة المسؤولة عن إدارة وحفظ البيانات.
  • موقع تخزين البيانات: لم يتم توضيح ما إذا كانت البيانات ستُحفظ داخل اليمن أو في دولة أخرى، مما يثير تساؤلات حول السيادة الوطنية وأمن المعلومات.
  • غياب السياسات الواضحة: لم يتم الكشف عن اللوائح والإجراءات التي تضمن حماية بيانات المواطنين أو تحدد الجهات المخولة بالوصول إليها.

المخاطر الأمنية والتقنية

  • الاختراقات السيبرانية: في ظل غياب الحماية السيبرانية المتطورة، تصبح قاعدة بيانات البطاقة الذكية عرضة للهجمات الإلكترونية التي قد تؤدي إلى تسريب أو سرقة معلومات حساسة.
  • الاستخدام غير المشروع: غياب الرقابة قد يؤدي إلى استغلال البيانات الشخصية في أغراض غير قانونية، مثل المراقبة أو الابتزاز أو الاحتيال.
  • التخزين الخارجي: إذا تم تخزين البيانات في دولة أخرى، فقد تخضع لقوانين تلك الدولة، مما يهدد بسيادة البيانات اليمنية.

 

التكاليف الاقتصادية

  • الاستثمار العالي: يتطلب المشروع استثمارات ضخمة لإنشاء بنية تحتية تقنية متكاملة، وتدريب كوادر وطنية، وصيانة الأنظمة.
  • مخاطر ضعف الفعالية: في ظل غياب نظام رقمي موحد يربط مؤسسات الدولة، قد تتحول البطاقة الذكية إلى أداة غير فعالة، تفشل في تحقيق أهدافها الأساسية.

تعليق اعتماد البطاقة الذكية: ضرورة في ظل الظروف الراهنة

في ظل الظروف الحالية التي يمر بها اليمن من الضروري أن تتخذ وزارة الداخلية قرارًا حاسمًا بتعليق اعتماد البطاقة الشخصية الذكية في الوقت الراهن، وذلك لأسباب عدة منها

  • عدم توفر البنية التحتية الرقمية الملائمة لنجاح هذا المشروع فالتحديات التقنية، مثل ضعف شبكات الإنترنت، وانعدام مراكز البيانات الحديثة، تجعل من المستحيل تنفيذ نظام متكامل وموثوق لحفظ البيانات وحمايتها.
  • غياب التشريعات اللازمة لحماية الخصوصية يعرض المواطنين لمخاطر أمنية قد تؤثر سلبًا على الثقة في هذا المشروع.
  • على الرغم من أن وزارة الداخلية قد قامت بإصدار قرار لاعتماد البطاقة الشخصية في بعض المؤسسات، إلا أن تطبيق هذا القرار في الوقت الحالي سيكون خطوة متسرعة قد تضر أكثر مما تنفع، في ظل غياب الأسس التقنية والقانونية اللازمة لتحقيق النجاح واستفادة المواطنين من هذا المشروع الحيوي.

التوصيات: من أجل نجاح المشروع

لضمان نجاح مشروع البطاقة الشخصية الاكترونية وتجنب المخاطر المرتبطة به، من الضروري اتخاذ الإجراءات التالية:

  1. تطوير البنية التحتية: بناء مراكز بيانات آمنة داخل اليمن، وتحسين شبكات الاتصال والإنترنت.
  2. سن تشريعات لحماية البيانات: إصدار قوانين واضحة تنظم جمع البيانات ومعالجتها، وتحدد حقوق المواطنين في الخصوصية.
  3. تعزيز الشفافية: تقديم تفاصيل واضحة للمواطنين حول آليات حفظ البيانات وإدارتها.
  4. تدريب الكوادر الوطنية: إعداد فرق متخصصة قادرة على إدارة المشروع وتأمين البيانات.
  5. الامتثال للمعايير الدولية: تبني معايير عالمية مثل GDPR لتوفير إطار قانوني وتقني لحماية البيانات.

ختاماً

مشروع البطاقة الشخصية الاكترونية في اليمن يحمل في طياته فرصاً كبيرة لتطوير الأداء الحكومي، ولكنه في الوقت ذاته يواجه تحديات كبيرة تهدد بتحويله إلى مصدر قلق للمواطنين. غياب البنية التحتية، ضعف الإطار القانوني، وانعدام الشفافية يضع هذا المشروع في دائرة الخطر. لتحقيق النجاح، يجب أن تكون الأولوية لحماية بيانات المواطنين وتعزيز ثقتهم في المؤسسات الحكومية، عبر تبني سياسات وإجراءات واضحة وفعالة.

مقالات ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى