حدث نيوز: العنود أحمد
لم تكن سلمى تقدر على القراءة والكتابة، إلا أنها تستشعر أهمية ذلك، وماذا يعني أن تكون امرأة متعلمة. وهذا ما جعلها تتكبد مشقة الطريق وقطع مسافة تتطلب ساعتين مشيًا على الأقدام لأقرب مركز تعليمي من منزلها بمديرية المتون بمحافظة الجوف.
سلمى -٣٥ عامًا- أمًا لسبعة أطفال، التحقت بفصول محو الامية الذي نفذته مؤسسة مزن الخيرية التنموية الاجتماعية، بتمويل من صندوق الأمم المتحدة للسكان، وفيه بدأت رحلتها في تعلم القراءة والكتابة.
سلمى تشعر بالتعب وهي تستغرق ساعات للوصول إلى فصلها، لكنها في كل لحظة توقف نتيجة الإرهاق، تستشعر أن التعليم يستحق كل هذا الجهد. حريصة على ترتيب مهامها المنزلية وتربية أطفالها، والاستمرار بتعلم القراءة والكتابة.
تقول سلمى لـ”حدث نيوز” بأنها التحقت بفصول محو الأمية، لأنها أدركت أهمية القراءة والكتابة، وأنها في طفولتها لم تتمكن من الالتحاق بالتعليم، وأنها أدركت قيمة التعليم، عند نضوجها. وأنها تعمل على تعلم القراءة والكتابة وتسعى للالتحاق بصفوف التعليم النظامي. وترد على كل من يقول لها بأنها كبيرة في السن: بأن التعلم لا يتوقف عند عمر معين.
شهر واحد
في البداية، كانت تتعلم سلمي الحروف الهجائية، وخلال شهرٍ واحد فقط، تمكنت من قراءة الأعداد وبعض الكلمات البسيطة. وحدثت نفسها: “لن أكمل الستة أشهر إلا وأنا أقرأ بطلاقة”.
وتتابع: تمنيت أن أقرأ القرآن واشعر بالحزن عند فتح المصحف ولا أعي ما ترمز له تلك الحروف أو كيفية تركيبها، وهذا ضاعف من عزيمتي لتحقيق حلم القدرة على القراءة والكتابة.
سعي وتضحية
معلمة سلمى التربوية بلقيس تقول: أعجز أن أعبر عن سلمى الإنسانة التي تجعلني أخجل أمام إصرارها وتفانيها، فهي تقطع المسافات وتتحدى الصعوبات من أجل أن تتعلم القراءة والكتابة التي عند الأغلب شيء عادي، لكن عندها يختلف فهو هدف يحتاج كل هذا السعي والتضحية.
وتضيف: استمد منها الاصرار على المواصلة واستمد من همتها العزيمة انها لا تتغيب أبدا ولا تستسلم مهما كانت الظروف والمعوقات، وأجدها دائمًا مبتسمة في نظرتها التحدي والامل بتحقيق ما جاءت لأجله، ما يجعلني اتفانى أكثر في التعليم. وأتمنى أن تمر الأيام حتى أجد سلمى حققت هدفها وأصبحت تقرأ بطلاقة وقوة هناك سأحيي نفسي واهنيها قبل أن أهنئ سلمى فنجاحها هو نجاحي.
نموذج وقدوة
وتدعو بلقيس النساء الأميات وغير المتعلمات إلى الاقتداء بسلمى وجعلها نموذجًا يحتذى بها للتغلب على حاجز العمر، والالتحاق بصفوف محو الأمية وتعلم القراءة والكتابة، والسعي إلى تحفيز الأسر على تعليم بناتهن وإلحاقهن بالدراسة، وتمكينهم من مواصلة الدراسة حتى التعليم الجامعي.
الأسباب والعوامل
من ناحيتها تقول التربوية مهى سلطان يأن الأمية من التحديات الكبيرة التي تواجه المجتمع في محافظة الجوف، وتسجل نسب مرتفعة في أوساط الفتيات، للعديد من العوامل الاقتصادية والاجتماعية، ونقص الموارد التعليمية، والعادات والتقاليد التي تحد من فرص تعليم الفتيات.
وترى سلطان بأن مكافحة الأمية بين أوساط الفتيات في محافظة الجوف تتطلب تكاتف الجهود من جميع الأطراف المعنية، لضمان مستقبل أفضل للفتيات وتمكينهن من تحقيق طموحاتهن، حد تعبيرها.
وتدعو سلطان إلى تكاتف الجهود من أجل القضاء على الأمية ونشر التعليم في محافظة الجوف والعمل على توفير الإمكانيات والموارد التعليمية، من كادر تدريسي، وفصول دراسية مشيدة، وقبل ذلك توفير توعية مجتمعية لرفع وعي المجتمع بأهمية التعليم وكيف يمكن مكافحة الأمية وتعليم الكبار، واستعراض الآثار والانعكاسات التي يحدثها التعليم في المجتمعات. والدول المتقدمة.
تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع تعزيز أصوات النساء من خلال الإعلام الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي.