قصص و روايات

البلوغ المبكر، فزع الفتاة من التغيرات الجسدية

حدث نيوز :ماريا البتول

في ضل الأوضاع الغائبة عن النماذج التوعوية في اليمن، تولد مأساة مختلفة، تواجهها فتيات اليمن، ليست مأساة لمرض خطير لا يوجد له علاج لكنها مأساة البلوغ المبكر.

البداية في أحد المدارس، فتاة في مقتبل العمر لم تتجاوز بعد سن الطفولة وجدت نفسها تواجه لغزاً مخيفاً يهدد عالمها الصغير، دماء تنزف من جسدها وأم غرست في ذهنها جواب واحد فقط “إن هذا الدم دليل العار”.

صدمة وذعر

لم تكن الفتاة تعرف شيئاً عن التغيرات الطبيعية للفتاة في سن البلوغ، وما ينتج عنها كالطمث “الدورة الشهرية”، وكل ما تعرفه هو ما زرعته فيها أمها من أفكار خاطئة ومخيفة فكرة أن أي نزيف مهبلي دليل على فقدان العذرية وأن العار سيلحق بها وبعائلتها هذا ما حول لحظة طبيعية إلى كابوس.

صمت الأمهات

قصة هذه الفتاة ليست الوحيدة، ففي مجتمعات محافظة مثل اليمن، لا يزال الحديث عن الدورة الشهرية عيبا، وتحيط به الكثير من المحاذير الأمهات بدورهن يخشين من مواجهة هذا الموضوع مع بناتهن، خوفًا من أن يفسدن طهرهن أو يزرعن فيهن أفكارًا غير مرغوبة، هذا الصمت المطبق يترك الفتيات في حيرة، ويتسبب لهن في الكثير من المعاناة النفسية، كما يخلق فيهن الكثير من الأسئلة عن أشياء تتعلق بطبيعتهن الفسيولوجية.

وقالت طبيبة النساء والتوليد الدكتورة عزيزة الاديمي: “لم يسبق لأي أم أن اصطحبت بنتها قبل البلوغ إلى طبيبة نساء فكل الحالات التي استقبلها بعد مرحلة البلوغ، وهو يجب على الأمهات توعية بناتهن قبل سن التاسعة إلى سن الـ 12  من عمرهن، فهذا أقصى سن البلوغ.

تداعيات خطيرة

وبحسب الدكتورة الأديمي، فإن عدم توعية الفتيات بالتغيرات الجسدية والنفسية التي يمررن بها خلال فترة البلوغ، له عواقب وخيمة على صحتهن النفسية والجسدية، فقد يؤدي إلى الشعور بالعار والخجل، ويدفع الفتيات إلى العزلة والانطواء والخوف من المستقبل، خاصة إذا كانت الفتاة تعتقد أنها فقدت عذريتها، والتأخر بالزواج، بسبب الخوف من الكشف عن هذه المشكلة.

المرشدة الأسرية الدكتورة وفاء الصلاحي، تقول بأن التشديد والمبالغة في التربية بغرض الحرص خصوصاً على الفتيات يظهر نتيجة عكسية، وهذه الأساليب التي تستخدمها الأمهات يجعل الفتاة ضعيفة، وأكثر عرضة لتقلبات الحياة أو أي ظرف طارئ. ويمكن أن تواجه الفتاة بشكل مباشر أو يخلق لديها عقدة لا تستطيع أن تعيش حياة زوجية.

وتقول الصلاحي: “لا بد الا تقتصر توعية هذا الجيل على الآباء والامهات فقط، بل أن يكون المجتمع بجانب الأسرة والقصد بالمجتمع المدرسة، والاعلام، الدراما، كل جانب ومجال لابد أن يساهم في التوعية والتربية.

دعوة إلى التغيير

حان الوقت لكسر هذا الحاجز، والتحدث بصراحة وشفافية عن، يجب على الآباء والأمهات، والمؤسسات التعليمية، ووسائل الإعلام، أن يتحملوا مسؤولياتهم في توعية الفتيات حول هذه التغيرات الجسدية لدى بناتهن، والعمل معًا على تغيير النظرة المجتمعية تجاه الدورة الشهرية، وتحويلها من موضوع معيب إلى موضوع طبيعي يتم الحديث عنه بكل انفتاح بحيث لا يتحول إلى مأساة ومخاوف. حد تعبير الدكتورة الصلاحي.

حلول ومقترحات

وتوصي طبيبات وأخصائيات نفسية ومرشدات، بعدد من الحلول والمقترحات، لعملية التوعية والتعامل مع الفتيات، وتتمثل بتضمين وتكثيف مواضيع التغيرات الطبيعية والجسدية للفتاة حلال فترة البلوغ، في المناهج الدراسية، لتوعية الطالبات منذ الصغر. وتنظيم ورش عمل وندوات للأمهات، وحملات توعية، لتزويدهن بالمعلومات الصحيحة حول البلوغ والتغيرات الجسدية والنفسية التي تمر بها بناتهن، وأساليب وطرق التعامل معها. وتشجيع وسائل الإعلام على إنتاج برامج توعوية حول الصحة الإنجابية، وتوفير منتجات صحية للفتيات والنساء، بأسعار معقولة وفي متناول الجميع.

 

تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع تعزيز أصوات النساء من خلال الإعلام الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى