أخبار اليمنتقارير

قضايا النفقة في اليمن.. متاهة في اروقة القانون

حدث نيوز: رقيه عمر دنانه

” اني من نفسي قمت ورفعت قضية كنت رجال وحرمة وما كلمت اخواني وابي وعرفوا هم و زوجي يوم إشعار الاستدعاء الذي وصله من المحكمة” بهذه الكلمات تصف سارة محمد خطوتها الاولى نحو انتزاع الحقوق اثناء رفعها قضية نفقة لابنتها ذات الخمس سنوات.

رد فعل الدائرة القريبة

كثيرا ما تميل اسرة المرأة بعد طلاقها الى اغلاق الملف وترك متعلقات الطلاق لضمير الطليق اذا كان ابا لطفل او اكثر من ابنتهم اما من بوابة عدم الحاجة او تجنبا للشعور بالإهانة من ملاحقة شخص لم يخجل من ترك اطفاله وامهم دون حقوق انطلاقا من” اذا لم تستح فاصنع ما شئت” يقول واقع الحال في اليمن.

منذ معرفة الاسرة ان ابنتهم رفعت قضية مطالبة بالنفقة عبر المحكمة تواردت ردود الافعال “الاخوان كلهم يقولوا لك خلاص اجلسي احنا مش حق محاكم وابوك يصيح عليك ليش رفعتي قضية النفقة قلت له أنت اليوم عايش بكرة لا، اليوم معك بكرة ما فيش، من بيعطي لبنتي حقوقه الا المحاكم واني لازم اضمن له حقه ”

أروقة المحاكم

اروقة القانون
اروقة القانون

قد يمنحك القانون بعض حقوقك ان كانت حججك اقوى من خبرة ومهارة محامي الخصم لكن ذلك لايأتي ببساطة، وحتى ان جاء بعد جهد جهيد سيأتي على جسر من الخسائر الإضافية يقول لسان حال سارة. ” بداية رفع قضية النفقة بتتجعجعي كتير وإلا بيعطوك الإستدعاء ويقولوا لك روحي إنتي وصلي الإستدعاء لطليقك”

وتوضح سارة “في حالتي أني حوشت كيف بعطية وهو إنسان ما عنده بيت مشرد من بيت خالتة لبيت عمه او ينتقل من إيجار لإيجار وحتى الارضية اللي كان بناها على اساس بيت باعها عشان القات، لكن القاضي قال سلميه لاهله او قسم الشرطة او اللجان المجتمعية والمؤسف ان الجميع رفض استلام الاشعار “.

وتضيف بحرقة “في ارسالية الإستدعاء يطلبوا منك إرسال عكسري تابع للمحكمة ولازم تعطيه مبلغ مالي عشان ينزل معك للإستدعاء وانتي مافيش معك وقدك اصلا رافعه قضية نفقة يعني بدون مورد وحالتك حالة، وكل هذا على عشرة او عشرين الف يحكملك به بعد ماتطلع روحك”.

وبنبرة اعلى “قانون النفقة شكل اخر من العنف والقمع ضد المرأة، قانون غير عادل، وغير منصف، وغير واضح، وهو اللي يخلي حقوق النساء ضائعة”.

فهو غير عادل او منصف حيث لا يقع تحت ضوابظ واضحه ولا ينص او يحدد القانون اليمني مبلغ النفقه الأمر الذي جعل اغلب حقوق النساء ضائعة.

لا يتضمن القانون نصوصا واضحة فيما يتعلق بالنفقة فليس هناك مبلغ محدد كنفقة للزوجة. حيث يتم تحديد نفقة الزوجة بناءً على عوامل عدة منها حالة الزواج وحالة الزوج والزوجة والدخل والمصروفات والظروف المالية العامة.

وقد يتم توجيه الحكم بمبلغ معين أو وفق نسبة مئوية من دخل الزوج أو من خلال تقدير المبلغ بناء على الحاجة الى تغطية المصروفات الأساسية للزوجة والأطفال.

ويمكن أن يتم تحديد النفقة من قبل القاضي في حالات الطلاق أو الانفصال، ما يفتح الباب لامكانية انكار الزوج حقيقة الدخل الذي يتحصل عليه والتملص من الايفاء بالنفقة بالقدر المستحق يقول قانونيون.

وفي هذا الصدد تقول سارة” حصلت على مبلغ 20 الف ريال لان طليقي تمكن من اخفاء راتبه بالسعودي وكشف فقط عن راتبه بالريال اليمني فتم التقدير على اساسه”

قوانين واتفاقيات

لكل طفل الحق في الحصول على نفقة شهرية مستمرة او سابقه من مأكل ومشرب ومسكن وعلاج ودراسة، … وكذلك الزوجة، وهي حقوق تكفلها الدساتير والقوانين في مختلف الدول كما تكفلها المعاهدات والاتفاقيات الدولية.

وبحسب المحامي محسن النقيب فإن القانون المقرر لحق الطفل او الزوجة في اليمن هو قانون الاحوال الشخصية الذي يترك تقدير مقدار النفقة المقررة لسلطة القاضي والى جانبه قرر المشرع اليمني في سبيل حماية تلك الحقوق في مواضع متعددة من قوانين اخرى كقانون الطفل وقانون الاحداث.

ويقرر قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني اعتبار الاحكام الصادرة في النفقات نهائية لاسيما التي لا تتجاوز حدود الـ ٢٠٠٠ ريال يمني للطفل و٥٠٠ ريال للمرأة وهي “مبالغ اوردها المشرع على سبيل حماية الحق و لايمكن اعتبارها نفقات في ظل ظروف الواقع الحالي بحسب النقيب”.

ويشير المحامي النقيب الى ان كل قانون يستلزم الخضوع لتعديلات متتالية تتناسب وتغيير الظروف الاقتصادية لا سيما الغلاء واثره على مدى توفر السلع الضرورية لاستمرار حياة الفرد، الى جانب ضرورة مراعاة مايطرأ من تغير في الظروف الاجتماعية التي تؤثر بدورها او تتاثر بالظروف الاقتصادية. فيما لم يشهد قانون المرافعات اليمني اي تحديث بعد العام 2002 . وتتضمن المادة ( ٨٦ فقرات 4،3 ) من هذا القانون نصوصا تتعلق بالنفقة ”

وتنص الفقرة الثالثة من قانون المرافعات والتنفيذ المدني على أن (نفقة الزوجة لا تتجاوز3000 ريال) في حين تنص الفقرة 4 منه على ان ( نفقة الطفل لا تتجاوز 5000 ريال) وهي مبالغ ان تناسبت مع ظروف المعيشة في وقت سابق فهي لا تبدو متناسبة وواقع الحال اليوم بالمقارنة مع حالة انهيار العملة والارتفاع الجنوني لأسعار السلع.

ويقول المحامي النقيب إن معظم الاحكام القضائية الصادرة في مسائل الاحوال الشخصية بشأن النفقة خلال السنوات الاخيرة يحكم فيها القاضي بما يتماشى مع واقع احتياج الطفل والمرأة زوجه كانت او غير ذلك ما قد يصل الى عشرات اضعاف المنصوص عليه.

وفي الوقت الذي تفتح فيه تقديرات القضاة باب امل للامهات والاطفال المطالبين بالنفقة الا ان الاجراءات قد لا تكون سلسة ولا منصفة تقول بعض المتابعات في المحاكم.

تلك الامال لا تراها سلوى بريك مديرة المرأة والطفل بوزارة العدل كافية لحل المشكلة حيث تقول ” المخصصات جدا بسيطة في ظل غلا فاحش. الام المطالبة بنفقة لاتجد مصاريف التقاضي لاستخراج النففة في كثير من الاحيان، وهذا يقتضي ضرورة ان تكون قضايا النفقة من القضايا المستعجلة”.

مشيرة- بريك أنها عرضت على زملائها من القضاة ان يتم التعديل، وان يراعوا الظروف الاقتصادية والوضع العام المتأزم وغلاء المعيشة، خصوصا لو كانت المرأة المتقاضية تستخدم النفقة لسد احتياجاتها الحياتية نتيجة غياب مورد اخر او ضعفه.

تنازل اضطراري

فاطمة عبد الغني احدى اولئك النساء اللواتي خسرن اكثر مما ينبغي رغم اللجوء الى منصة القضاء.
تقول فاطمه حول عملية استدعاء زوجها من طرف المحكمة “لم يحضر في أول إستدعاء بسبب إنه غير منزله وعندما كان يتم إرسال إشعار الاستدعاء من قبل العكسري التابع للمحكمة إليه او إلى مركز الامن والشرطة كان الكل ينفي وجوده في الحارة”.

وتضيف عبدالغني ” تكرر ذلك بعدها في كل جلسات المحاكمة حيث لم يحضر ابدا الى قاعة المحكمة وفي آخر جلسة تواصلت محاميتي مع محاميته لحضور الجلسات، فحضرت المحامية نيابة عنه و بعد إنتهاء وقت الجلسة، طلبت محامية طليقي حلا وديا”.
وتوضح عبد الغني ” طلبت مني محاميته ان اتنازل عن كامل حقوقي وحقوق بنتي وعن ذهبي ومؤخر الصداق مقابل حصولي على طلاق فوري فاضطررت للقبول بعدما تبين ان طول الاجراءات وعدم جدوى المتابعة”.

كذب وخداع

شهد اليمن زيادة كبيرة في معدلات العنف المنزلي خلال الصراع الذي تسببت فيه ظروف الحرب بتنامي مشكلات التفكك الاسري ومعها ارتفعت قضايا الطلاق والخلع والمطالبة بالنفقة الشرعية، وبحسب احصائيات مكتب وزارة العدل بلغ عدد قضايا النفقة ، لعام 2023 300 قضية لدى محاكم التنفيذ في محافظة حضرموت وحدها.

من جانبه يقول ياسين العفيفي -مأذون شرعي ” المطلقة لها اولا نفقة من بعد الطلاق ،يعني نفقة المطلقة على الزوج وهي في بيت اهلها بعد الطلاق مباشرة وخلال فترة العدة لانها ماتزال على ذمته، و شرعا لا تخرج المرأة من بيت زوجها. حتى تنتهي العدة”.

ويضيف العفيفي ” النفقة للأطفال التي يقضي بها بعض القضاة في الوقت الحالي دون مراعاة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر على الطفل في ظل التدهور في العملة المحلية لايمكنها ان تسد احتياجاته الأساسية “.

تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع تعزيز أصوات النساء من خلال الإعلام الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى