أخبار عربية ودولية

الاتصالات في السعودية: تحديات التكلفة والشفافية وتأثيرها على الأمن والاقتصاد

حدث نيوز: إبراهيم أحمد

تُعد تكاليف الاتصالات في المملكة العربية السعودية من بين الأعلى عالميا، مما يستدعي دراسة متأنية لأسباب هذه التكاليف المرتفعة، ووجهة هذه العوائد، ومدى تناسبها مع جودة الخدمات المقدمة.

تكاليف استخدام الإنترنت:

تعتبر تكاليف الإنترنت في المملكة مرتفعة مقارنة بدول أخرى. فعلى سبيل المثال، يكلف الحصول على 100 جيجابايت من البيانات في السعودية حوالي 300 ريال سعودي، وهو يمثل متوسط استهلاك المواطن السعودي. بالإضافة إلى ذلك، هناك رسوم التفعيل، والاشتراك، والمكالمات الدولية، وغيرها من الرسوم الإضافية.

50 مليار دولار عوائد الاتصالات:

تحقق شركات الاتصالات في السعودية إيرادات ضخمة تصل إلى 50 مليار دولار أمريكي سنويا، يذهب معظمها كأرباح وتكاليف تركيب وصيانة، بينما يُخصص القليل منها للضرائب. كما تشير تقارير إلى وجود فساد مستتر في هذا القطاع.

الفساد المستتر: الشفافية الغائبة ووجهة العوائد:

يُثار جدل كبير حول الشفافية في إدارة عوائد قطاع الاتصالات، حيث يرى البعض أن هناك غموضا في كيفية توزيع هذه الأموال والجهات المستفيدة منها. ويعتقد آخرون بوجود قنوات غير شرعية قد تستغل هذه العوائد، مما يثير تساؤلات حول احتمالية وجود فساد مالي أو شراء ذمم.

وفيما يتعلق بتوزيع العوائد، يُعتقد أن الجزء الأكبر منها يذهب إلى الفساد وإلى تكاليف التركيب والصيانة، وهي تكاليف تُعد مرتفعة بشكل غير متناسب مع مستوى الخدمات المقدمة من إنترنت واتصالات. وتشير تقارير دولية إلى أن بعض مزودي الاتصالات، خاصة من الصين، يقدمون خدمات أمنية، عسكرية، واستخباراتية مدمجة في بنية الاتصالات. وهنا يبرز السؤال الأكثر أهمية: من يستفيد من هذه الخدمات؟ وما تأثيرها على الأمن الداخلي والإقليمي والدولي؟ هذه الأسئلة تفتح المجال للتأكد من القنوات التي قد تتدفق إليها هذه الأموال، ومدى ارتباطها بالفساد المستشري في هذا القطاع.

الاتصالات: النفط القادم في صراع القوى العالمية:

لا تقتصر أهمية قطاع الاتصالات في السعودية على العوائد الكبيرة التي يحققها، بل تتجاوز ذلك لتشمل جوانب استراتيجية مثل الاستخدامات العسكرية، الأمنية، والاستخباراتية، مما يجعله محور صراع بين القوى الغربية والصين.

الصين تعتمد بشكل كبير على قطاع الاتصالات لتعزيز نفوذها العالمي، خاصة في منطقة الخليج. وإذا ما تم سحب هذا القطاع منها، سواء في السعودية أو في الخليج بشكل عام، فقد يُلحق ذلك شللا كبيرا بالاقتصاد الصيني.

ومع التحول العالمي نحو الذكاء الاصطناعي والأتمتة وإنترنت الأشياء، يزداد اعتماد العالم على قطاع الاتصالات كأحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد المستقبلي. هذا التحول يؤكد أن هذا القطاع سيصبح محور الصراع القادم بين الغرب والشرق في الخليج، في ظل التنافس المتزايد على التكنولوجيا المتقدمة كوسيلة لتحقيق النمو الاقتصادي والتفوق الاستراتيجي.

حلول مقترحة:

لمعالجة هذه التحديات، من الضروري أن تتخذ المملكة خطوات لتعزيز الشفافية والرقابة في قطاع الاتصالات. يجب العمل على تقليل الفساد من خلال تحسين آليات الرقابة المالية، وضمان توجيه العوائد بما يخدم التنمية الاقتصادية والأمن الوطني. كما ينبغي فتح السوق أمام مزيد من المنافسة، مما سيساهم في تحسين جودة الخدمات وخفض التكاليف. بالإضافة إلى ذلك، لابد من فرض السيادة الوطنية على هذا القطاع، والاعتماد على مزودين مختصين في الاتصالات والإنترنت فقط، مع توفير معايير الأمان العالية.

الخاتمة:

يُعتبر قطاع الاتصالات في السعودية من القطاعات الحيوية التي تتطلب إدارة دقيقة لتحقيق التوازن بين الربحية الاقتصادية والشفافية. تحسين هذا القطاع عبر تعزيز المنافسة، مكافحة الفساد، وتقديم خدمات أفضل بأسعار تنافسية سيعزز من مكانة السعودية إقليميا وعالميا. وفي ظل الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، يصبح من الضروري النظر إلى قطاع الاتصالات ليس فقط كمصدر للعوائد، بل كركيزة أساسية لمستقبل الاقتصاد والأمن في المملكة والمنطقة بشكل عام.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى