أخبار اليمنتقارير

اليمن : طفولة أهدرتها الحرب

حدث نيوز : صفاء عبدالقاهر

في عالمٍ يزخر بالألوان، تنبض قلوب أطفال اليمن ببراءةٍ ممزوجةً بمرارة الفقر والحرب. يمدون أياديهم الصغيرة، باحثين عن لقمة عيش أو مساعدة تُعين عائلاتهم على قسوة الحياة. هنا سنسلط المقالة الضوء على ظاهرة تفاقمت مع اشتعال الحرب، إنها ظاهرة “تسول الأطفال في اليمن”، مُستكشين جذورها وتأثيراتها والحلول المقترحة للقضاء عليها.

أطفال يُجبرون على التسول

تروي غناء، ذات العشر سنوات، حكايةً مؤلمةً عن طفولةٍ سُلبت منها. تُجبر على الخروج مع شقيقتها الكبرى للتسول في شوارع تعز، تاركةً وراءها حلم التعليم.
تُواجه غناء وأمثالها من الأطفال انتهاكاتٍ جسدية ونفسيةً من قبل بعض “المساعدين”، ناهيك عن التعرض للضرب والإهانة من قبل ذويهم إن رفضن الخروج للتسول.

تضيف غناء البالغة من العمر 10سنوات “أنها تخرج بأوقات عدم وجود مواد غذائية وأن لديها ثلاث أخوان كلهم يخرجون لطلب الحاجة”.

وأضافت “أنها تخرج مع شقيقتها  الكبرى -البالغة 15 عام- من أحدى المناطق الريفية إلى تعز لطلب الحاجة حيث تتعرض لأنواع   العنف والإساءة  من قبل المساعدين لها” وأحيانًا “تتعرض لضرب إذا رفضت  الخروج إلى التسول من قبل ولي أمرها”.

التسول: عادةٌ قسريةٌ أم مهنةٌ مُتوارثة؟

في بعض قرى اليمن، تحوّل التسول إلى عادةٍ تقليدية، حيث تُحمل الأمهات أطفالهن معهن للتسول، جاعلاتٍ من ذلك مهنةً مُتوارثةً تُحرم الفتيات من حقّ التعليم. تُشير إحصائيات “مشروع مكافحة التسول في اليمن” إلى ازدياد أعداد الأطفال المتسولين، خاصّةً مع انعدام الميزانية المُخصصة لإعادة تأهيلهم.

عبءٌ على الدولة ومجتمعٌ مهددٌ

تُشكّل ظاهرة تسول الأطفال عبئًا على ميزانية الدولة اليمنية، ناهيك عن تأثيرها السلبي على السياحة. تُؤكّد خديجة البريهي، مختصة الشؤون الاقتصادية، على ضرورة رفع ميزانية الدولة وتحسين الوضع الاقتصادي لدعم الأسر الفقيرة، مع مُطالبة الحكومة بوضع حلولٍ جذريةٍ لهذه الظاهرة، حيث قالت “أن المتسولين يشكلون عبئا على ميزانية الدولة كما يؤدي إلى عزف السواح من دخول البلاد  “وللحد من هذه الظاهرة يجب على الدولة أولا  أن تقوم برفع  ميزانية الاقتصاد اليمني ويجب أن تقوم بدراسة هذة الظاهرة وإيجاد الحلول اللازمة لها مثل  إنشاء قاعدة بيانات للأسر الفقيرة تفعيل العمل بقانوني الجرائم والعقوبات وتوسيع مظللة المستفيدين من الضمان الاجتماعي وتعزيز التعاون بين الشؤون الاجتماعية والمنظمات الخارجية وعلى الدولة أن تقوم بعدد من البرامج التوعوية المعززة لقيم الاعتزاز بالذات الإ أن من أكثر الحلول فاعلية هو إحياء قيم التكافل”.

الحرب تُفاقم المعاناة

تُشير نتائج استطلاع “يمن أنفورميشن سنتر” إلى أنّ 44% من المتسولين في اليمن هم من الأطفال. يُفسر د. ياسر الصلوي، أستاذ علم الاجتماع في جامعة تعز، ازدياد أعداد الأطفال المتسولين بتدهور الأوضاع الاقتصادية والبطالة الناجمة عن الحرب، ممّا دفع الكثير من الأسر إلى دفع أطفالهم للتسول لتوفير احتياجاتهم الأساسية.

الحلول الجذرية

يُؤكّد د. الصلوي على ضرورة إيجاد حلولٍ جذريةٍ لمعضلة تسول الأطفال، حيث يقول دكتور علم الاجتماع في جامعة تعز ياسر الصلوي “اسباب تزايد عدد تسول الاطفال هو تردي الأوضاع الاقتصادية وتداعيات الحرب وما نجم عنها من أثار أقتصادية مثل الفقر والبطالة  مما أدى إلى دفع الكثير من الاطفال إلى ممارسة التسول لتوفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة وفي ظل الظروف الحالية لا نستطيع أن نميز بين الحاجة الإقتصادية ومن يمتهنون هذه الظاهرة.

ويضيف “الصلوي” لــ”حدث نيوز”  من أهم الحلول الجوهرية هو  تحسين الأوضاع الإقتصادية بدرجة أساسية وأستعادة الدولة ومؤسستها والنشاط الاقتصادي وتحريك عجلة التنمية وخلق فرص عمل  و زيادة في رواتب الأجور وتحسين الأوضاع الإجتماعية والحد من مشكلة التفكك الأسر و عمل توعية أعلامية ب أضرار هذه الظاهرة على الأطفال كل هذا سيؤدي إلى تحسين الأحوال المعيشية للأسر والأفراد وبالتالي سوف تخف هذه الظاهرة وسيقلل من أحتياجات هذة الأسر وتلبيات الكثير من متطلبات الأطفال وبالتالي سوف يذهبون إلى المدارس بدلاً من الشوارع وممارسة التسول.

حلول عابرة للدول

وفي دولة المغرب تم تسليط الضوء على التسول وانتقل الحل إلى العالم الإفتراضي وإنتشرت حملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي للتحذيرات من هذه الظاهرة وأنواعها ومحاربة استغلال الأطفال عبر شعارات “لا صدقة لمحترفي التسول مهما ألحوا”أو “لا صدقة لمحترفي النصب بدعوى الحاجة مهما تفننوا”بدل الاسهام في تعود الاطفال على التسول.

وقد سبق لجمعية”جود”لرعاية المشردين أن أطلقت حملة وطنية لمحاربة التسول تحت شعار”الخير اللي دير فية ما تعطيهش”،شارك فيها مجموعة من الفنانين ،بغية القضاء على هذه الأفة.

 

وفي ظل الظروف الحالية لا تزال الطفولة منسية تتسول لجيوب تستغلها وتبيع براءتها تحت غطاء الحاجة ما يبرز أهمية ايجاد حلول تنهي تكرار التسول حيث تحول إلى عالم سري يكتنفة الغموض.

مسؤوليةٌ مشتركة

لا تُعدّ ظاهرة تسول الأطفال حكرًا على اليمن، بل هي مشكلةٌ عالميةٌ تتطلب حلولًا مُجتمعيةً عابرةً للحدود. تُقدم حملة “لا صدقة لمحترفي التسول” في المغرب نموذجًا يُحذى به لمكافحة هذه الظاهرة عبر التوعية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى