هل تقوّض قرارات “المركزي” في عدن سيطرة الحوثيين المالية؟
يقف القطاع المصرفي اليمني أمام مفترق طرق حاسم مع سلسلة من القرارات المتسارعة التي يصدرها البنك المركزي في عدن. ففي 23 مايو، أصدر البنك قرارًا جديدًا ينظم نشاط التحويلات الخارجية عبر شركات الحوالات الدولية، وذلك كجزء من إجراءات رقابية تهدف إلى تعزيز الرقابة على حركة الأموال وضمان سلامة المعاملات المالية.
تفاصيل القرار
القرار الجديد يُلزم جميع البنوك وشركات الصرافة المؤهلة بتقديم خدمات التحويلات الخارجية من خلال مراكزها الرئيسية وفروعها. كما يسمح القرار بمنح توكيلات فرعية بعقود سنوية لشركات أو منشآت صرافة محلية، بشرط الحصول على خطاب عدم ممانعة من البنك المركزي اليمني قبل توقيع العقد. ويلزم الشركات الراغبة في مزاولة نشاط التحويلات الخارجية عبر وكلاء فرعيين بتقديم موافقة مجلس إدارة البنك أو شركة الصرافة المعنية، ونسخة من نموذج استبانة اختبار مدى التزام الوكيل بإجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
خطوات سابقة وضغوط متزايدة
تأتي هذه الخطوة بعد أقل من شهرين من إنذار البنك المركزي في عدن للبنوك التجارية والمصارف الإسلامية وبنوك التمويل الأصغر لنقل مقارها الرئيسية إلى العاصمة المؤقتة عدن. أمهل القرار حينها البنوك 60 يوماً للتنفيذ، مهددًا باتخاذ إجراءات قانونية ضد المتخلفين. ووفقًا للبنك، فإن هذا الإنذار يستند إلى قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ويهدف إلى حماية البنوك من الإجراءات غير القانونية التي تتعرض لها من قبل جماعة الحوثي المصنفة كجماعة إرهابية.
الأثر الاقتصادي
رغم استئناف البنك المركزي في عدن مزادات لبيع النقد الأجنبي بعد حصوله على دفعتين من الدعم الاقتصادي السعودي، سجل الريال اليمني انخفاضًا كبيرًا، متجاوزًا مستوى 1720 ريالًا للدولار في عدن ومحافظات الجنوب والشرق. يأتي هذا التدهور في قيمة العملة المحلية وسط موجة غير مسبوقة من الغلاء وارتفاع أسعار السلع، ما ينذر بكارثة اقتصادية ومجاعة محتملة.
آراء الخبراء
المحلل الاقتصادي اليمني محمد الجماعي وصف هذه القرارات بأنها “ضربات متتالية وقرارات من العيار الثقيل”. وأشار إلى أن هذه الخطوات، سواء كانت للضغط على البنوك لتسريع عمليات النقل أو كجزء من المعالجات التي وعد بها البنك سابقًا، تمثل أقوى القرارات بعد قرار نقل مقر البنك المركزي والبنوك. ويرى الجماعي أن هذه القرارات ستنتزع أهم مصدر للعملة الصعبة من سيطرة الحوثيين في إطار الصراع المالي العلني بين الحكومة وجماعة الحوثي.
أهمية التحويلات المالية
تعتبر تحويلات المغتربين اليمنيين في الخارج شريان حياة حيوي للاقتصاد اليمني، حيث تقدر بنحو 3.3 مليارات دولار سنويًا وفق البنك الدولي، وقد تصل إلى 4.5 مليارات دولار وفق مصادر اقتصادية محلية. تمثل هذه التحويلات أقل مصادر النقد الأجنبي تأثرًا بالحرب ودورات الصراع، ومصدرًا رئيسيًا لدخل آلاف الأسر اليمنية، وتخفف من حدة الفقر. كما أنها تلعب دورًا رئيسيًا في تلبية احتياجات المعيشة لملايين اليمنيين، في ظل توقف إنتاج النفط.
المصدر: بلقيس نت.