تعاني مدينة تعز، منذ أكثر من عقد من الزمن، من ويلات الحرب وصراعات متواصلة، التي دمرت الكثير من معالم الجمال والهدوء التي كانت تميزها. لقد تحولت الحياة إلى واقع قاتم، حيث تشظى العيش النفسي والاجتماعي ليصبح جزءًا لا يتجزأ من يومياتنا. فالأرواح التي كانت تحمل آمالاً وطموحاتٍ قد أُنهكت تمامًا، وأصبحت عاجزة عن مقاومة البؤس الذي يعم كل زاوية من زوايا الحياة.
تشردت أسر بأكملها، وزالت المنازل التي كانت تشكل ملاذًا وحياة، محطمةً بفعل قذائف الحرب التي لم تتردد لحظة في اقتلاع الذكريات من جذورها. تتوالى المآسي، إذ تعاني الأمهات ويُزهق أرواح الأبرياء والأطفال بطرائق عبثية، بينما يعيش آخرون عذابات نصف حياة، كما هو الحال مع الألغام المزروعة في الجبال والسفوح التي تتربص بها مليشيات الحوثي.
ورغم كل ذلك، يبقى المواطن متشبثًا بأمل الهروب من هذا الواقع المرير. يواجه حالة يأس مُعذبة لكنه مُجبر على المضي قدمًا، يحمل على عاتقه آلامًا وأعباءً تتزايد يومًا بعد يوم.
تتلاشى معالم جمال مدينتنا، ويختفي عطرها الأصيل، إذ يسكنها رجال دين يستغلون المقدسات ليبرروا انتهاكاتهم تحت مسميات باطلة، مما يزيد من تعقيد الواقع المأساوي. تزداد الأمور سوءًا، وتتراكم النفايات في الشوارع، محدثةً شعورًا بالخزي إزاء ذلك الانهيار الذي أصاب جمال المدينة التي عُرفت بها.
في مواجهة هذا الوضع الكارثي، نجد المواطن يبصق لعناته على الساسة والحكام الذين عجزوا عن تحقيق التغيير المنشود. فالحكومة لم تحقق إنجازات ملموسة منذ تشكيل المجلس الرئاسي، بل استمرت في النهج ذاته من الجمود والإهمال. إن الصراعات المتواصلة أدت إلى انهيار اقتصادي كبير، وأضفت على الحياة عبئًا لا يطاق.
أصبحت المدينة تبدو كبلدٍ فاقد الهوية، فالمستقبل يبدو باهتًا تمامًا كجمالها الذي فقد رونقه. إهمال الحكومة لملف القمامة والمخلفات يعكس ضعف الإدارة وخدماتها المتاحة للمواطنين. يتصاعد تلوث الشوارع بينما تتزايد النفايات، الأمر الذي يعكس الفشل في تقديم الرعاية الأساسية للبيئة والسكان.
هذا الإهمال لا يهدد فقط صحة المواطنين بل يُعد من أخطر مظاهر انعدام المسؤولية من قبل السلطة المحلية. إذ يكمن السبب العميق في غياب خطط فعالة لإدارة النفايات، وغياب الحملات التوعوية، مما يزيد من تفشي ظاهرة القمامة في الشوارع.
يبقى السؤال: متى ستستيقظ الحكومة من غفوتها؟ متى ستتوقف عن تجاهل معاناة المواطنين وألمهم المستمر؟ تظل هذه الأسئلة تلوح في الأفق، وآمال الناس تتعلق بشفافية وفاعلية من يأخذون على عاتقهم مهمة القيادة والإدارة.