خاص- حدث نيوز
كنت أود لو تمضي الليلة على نحو مرح، لكن جاءني خبر عن صديق تخلى عن زوجته لسبب ثقافي، ما جعلني أفكر في مأساة المرأة اليمنية وكيف تقع بعضهن ضحية رجل يظن نفسه مثقفًا، ويعتبر أنها لا تفهمه.
نرجسية المثقف
وطبعًا، لا يوجد ما هو أسوأ من هذا “المثقف” الذي يتخلى عن زوجته “القروية” – حسب وصفه – أو “غير المتعلمة” ليتزوج من مثقفة تفهم شخصيته “المميزة”. المثقفة جيدة بلا شك، وهي جديرة بمبادلته الأفكار الملهمة أو الزواج بها أيام الجامعة، والبدء معها من الصفر.
أما عملية الاستبدال هذه، فهي جريمة بحق امرأة لم تقرأ كثيرًا من الكتب، ولا تشاهد أفلامه المفضلة، ولا تسمع أغاني فيروز، وتظنه سيدخل النار كونه لا يصلي جماعة في المسجد، ولا تتوقف عن الدعاء له بالهداية.
هي عالمه الجدير بالاعتراف بالجميل، وهي جانبه البسيط البديهي ومجتمعه الذي عليه حمايته من الشتات.
معظمهن بلا مؤهلات علمية، ولا يملكن الإمكانات اللازمة للاستمرار بمعزل عن شريك العمر. وحتى القوانين الاجتماعية يجب أن تراعي ذلك في مجتمعاتنا، فما بالك بالقيم والأخلاق.
كان عليه اختيار مثقفة منذ البداية، أما الآن، فلم يعد يملك حق الاختيار؛ فقد صار وجوده مصيرًا ، وحياةً لامرأة ليس لها في العالم أحد سواه.
بعد ماذا؟!
بعد أن منحتك شبابها ووضعت مصيرها بيد رجل قرأ بعض الكتب، لكنه احتفظ بأنانيته ونوازعه الجوهرية.
هذا يدفعنا لإعادة النظر: لو كان قرار الطلاق بيد المرأة، هل كانت هذه “غير المثقفة” ستتخذ قرارًا مماثلًا؟
ينبغي وضع حد لهذا التنكيل في مجتمع لا تملك فيه المرأة عملًا، ولا استقلالية، ولا أي شكل من أشكال الحماية أو الضمانة سوى أخلاق الرجل.
وكثير من الرجال بلا أخلاق، إذ يتخلى أحدهم عن زوجته لكونها لا تقرأ مثله أو لأن ملامحها قد تغيرت، ناسياً أنه كان السبب في ذلك بتعبها ومعاناتها.
فالرابطة الروحية لا تتأثر بالتجاعيد، حيث أن العشرة تجعل منهما جسدًا واحدًا لا يرى نفسه بعيدًا عن الآخر.
إلى أين تذهب المسكينة؟
وكيف يمنح الدين أو العرف أو القانون للرجل حق هدر حياة امرأة لا تملك شيئًاسوى الدموع؟