أخبار اليمن

عندما يُسجن الصحفي، يُسجن الوطن

حدث نيوز : صهيب المياحي

محمد المياحي لم يكن يومًا مجرد صحفي يلاحق الأخبار، بل كان صوتًا لا يهادن، قلمًا لا يعرف إلا الحقيقة. لم يسلك طريق العنف أو القهر، ولم يكن جزءًا من النظام الذي يبيع المبادئ ويشوه القيم. بل اختار أن يكون شاهدًا صادقًا، مدافعًا عن أولئك الذين سُلبت منهم أصواتهم، وضحايا الظلم.

في زمننا هذا، تتقلب المفاهيم وتضيع الحدود بين الصواب والخطأ، حيث يُحتفى بالمفسدين ويُكرّم من يعبثون بمقدرات الوطن، بينما يُهان أصحاب الكلمة الحرة. لا تكمن مأساة محمد المياحي في سجنه فحسب، بل في كون هذا السجن هو صورة مصغرة لواقع أليم، يُكافأ فيه الفاسد ويُعاقب فيه الشرفاء. لو كان المياحي قد اختار الطريق الأسهل، طريق النفاق والمواءمة مع الظلم، لما كان في سجنه، بل لكان في صفوف أولئك الذين يجنيون المكاسب من بيع المبادئ.

لكنّ المياحي، بعقيدته الراسخة في الحق، اختار أن يواجه الظلم بكلماته، واختار أن يدافع عن الحقيقة، مهما كلفه ذلك. وعلى الرغم من محاولات إخماد صوته، يبقى سعيه نحو العدالة مستمرًا، كما لو كان هو الجرح الذي لن يلتئم، والضوء الذي لا ينطفئ. فالسجون قد تحجز الجسد، لكنها لا تستطيع أن تسجن الروح، ولا أن تخنق الحقيقة.

قضية محمد المياحي تتجاوز شخصه، فهي قضية الأمة بأسرها، قضية الوطن الذي يُحارب فيه الصحفيون الشرفاء وتُغلق أبواب الحرية في وجوههم. هي قضية كل فرد يؤمن بأن الحق لا يُقتل، وأن الحرية ليست عطية من السلطة، بل هي حق لا يحق لأحد مصادرته. وعندما يُسجن الصحفيون، فإن الوطن يُسجن معهم، وعندما يُقمع صوت الحقيقة، يصبح المجتمع مكانًا خاليًا من الأمل، حيث يسود الجهل والخوف.

لن نقف صامتين. نحن اليوم أمام مسؤولية أخلاقية، لأن السكوت يعني القبول بمزيد من الظلم، يعني أننا نسمح للظلام بالتمدد، ويعني أننا نترك الحقيقة تُسحق تحت عجلات القمع. سنظل نصرخ ونقف ضد كل محاولات إسكاتنا، من أجل محمد المياحي، ومن أجل كل صوت يُحاولون إسكاته، حتى يعود الصحفي إلى موقعه، وحتى تنقشع الغمة ويعود الحق إلى مكانه.

 

مقالات ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي الزائر نحن نستخدم الإعلانات كعائد مادي للاستمرار لأنه ليس لدينا أي دعم سوى الإعلانات