مقالات

تطورات المشهد السوري وانعكاساتها الإقليمية: هل يتخوف الحوثيون من أن يكونوا الهدف التالي؟

حدث نيوز : أحمد الشلفي

تظهر التطورات الأخيرة في المشهد السوري، خاصة التقدم السريع للمعارضة المسلحة في حلب وحماة، تكشف عن تحولات جوهرية في ديناميكيات الصراع السوري ، مما تثير تساؤلات عديدة حول مستقبل المحاور الإقليمية، لاسيما محور المقاومة الذي يضم إيران وحزب الله وسوريا والحوثيين. يحمل المشهد الراهن دلالات سياسية وعسكرية قد تُعيد رسم خارطة التحالفات والصراعات في المنطقة.

تراجع محور المقاومة

تشير الأحداث إلى أن ما يُسمى بمحور المقاومة يواجه أزمة داخلية قد تؤدي إلى تفككه التدريجي. هذا التراجع يمكن تفسيره بعدة عوامل:
• هناك حديث متزايد عن توتر العلاقات بين النظام السوري وحزب الله، خاصة بعد ما تردد عن قيام الأسد بطرد عناصر من حزب الله من بعض المناطق في سوريا، وتراجعه عن تقديم الدعم الفعلي للحزب.
• زيارة الأسد الأخيرة إلى روسيا ولقائه بالرئيس بوتين أثارت جدلاً، حيث أشارت تقارير إلى عدم حصوله على الدعم الكافي من موسكو
• التنسيق الواضح بين إسرائيل وأمريكا يشير إلى استراتيجية متكاملة لإضعاف المحور الإيراني. هذا التنسيق يُظهر أن واشنطن وتل أبيب تعملان بشكل منهجي على استنزاف قدرات هذا المحور.
• حرب غزة الأخيرة أظهرت تراجع قدرة محور المقاومة على تقديم الدعم الفعلي لحلفائه. رغم الخطاب الإعلامي الداعم، غاب الدعم الميداني المباشر، ، مما كشف عن محدودية هذا المحور في المواجهات الإقليمية.

موقف تركيا وأمريكا

التقدم الذي حققته المعارضة في حلب وحماة أثار تساؤلات حول طبيعة الدعم الذي تلقته.
تُتهم تركيا بأنها قدمت دعماً مباشراً للمعارضة، سواء من خلال الإمدادات العسكرية أو التغطية اللوجستية. كذلك، هناك إشارات إلى دور أمريكي غير معلن في دعم العمليات العسكرية للمعارضة، وهو ما يُفسر التقدم السريع والمفاجئ في تلك المناطق.

الموقف الروسي: لعبة التوازنات

رغم الغارات الجوية التي نفذتها روسيا وأسفرت عن مقتل أكثر من 200 مقاتل من المعارضة، إلا أن الموقف الروسي يبدو متردداً.
البيانات الروسية الرسمية قليلة وغير واضحة، مما يثير الشكوك حول مدى التزام موسكو بدعم الأسد بشكل كامل. قد يكون هذا جزءاً من محاولة روسيا للحفاظ على توازن دقيق بين حلفائها الإقليميين وضمان عدم استنزافها في صراع طويل الأمد.

ما التالي بالنسبة لمحور المقاومة؟

• يبدو أن إيران تواجه استهدافاً مباشراً، سواء عبر الضربات الإسرائيلية على مواقعها في سوريا أو من خلال محاصرة حلفائها في المنطقة.
الضغوط الداخلية في إيران، مثل الاحتجاجات والتحديات الاقتصادية، تجعل من الصعب عليها الحفاظ على دورها الإقليمي.

يظهر الوضع الراهن أن محور المقاومة يمر بأضعف حالاته منذ عقود، مع تصاعد التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه أركانه. في المقابل، تعمل قوى إقليمية ودولية على استثمار هذا التراجع لبناء نظام إقليمي جديد قائم على توازنات مختلفة.

هل الحوثيون الهدف التالي؟

يشكل الحوثيون أحد الأذرع العسكرية لإيران في المنطقة، ويُنظر إليهم كجزء أساسي من “محور المقاومة”.
تصعيدهم الأخير في البحر الأحمر عبر استهداف السفن، والتهديد المستمر لأمن الملاحة البحرية، يُعزز من احتمالية أن يتم التعامل معهم كجزء من استراتيجية أكبر لكبح النفوذ الإيراني.

مع تراجع حزب الله في لبنان بسبب تداعيات حرب غزة والضغوط الإسرائيلية، قد تتحول الأنظار نحو الحوثيين باعتبارهم الأكثر نشاطًا عسكريًا في المحور الإيراني.
قد ترى الولايات المتحدة والسعودية وحلفاؤهما في استهداف الحوثيين خطوة ضرورية لتهدئة التوترات في الخليج وتأمين الممرات المائية.

ورغم الهدنة النسبية بين السعودية والحوثيين بعد الاتفاقات الأخيرة، فإن التصعيد الحوثي المستمر يُهدد هذه التفاهمات.
قد تضطر الرياض في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة إلى إعادة تقييم استراتيجيتها .

يدرك الحوثيون أن استهدافهم ممكن في أي لحظة، ولذلك يبدو أنهم يعززون من قوتهم العسكرية، سواء من خلال الحشود أو بناء تحالفات محلية .
وبما أنهم يعتمدون بشكل كبير على الدعم الإيراني، فإن تزايد الضغوط على طهران، قد يجعلهم في مواجهة مباشرة دون الغطاء الكافي من حليفهم .

فهل سيتحرك أعداء إيران لتطويق الحوثيين، سواء من خلال استهداف مباشر أو من عبر دعم قوى محلية معارضة لهم ؟ أم أن الجهود الدبلوماسية لتهدئة التوترات ستسبق كل هذا ؟
المرحلة القادمة ستعتمد على قدرتهم في المناورة . فهل يستطيعون الاستمرار في لعب دورهم الحالي أم أن المشهد الإقليمي سيفرض معادلة جديدة تُعيد رسم حدود قوتهم ؟

مقالات ذات صلة:

اقرا ايضا:
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى