تقارير

تأثير تغير المناخ على الصحة العامة: تحديات وأمراض

حدث نيوز: رقية عمر دنانه 

على الرغم من التطور الملحوظ والسريع في كافة مجالات العلوم والمعرفة التي تساهم في رفاهية الإنسان، تظل هناك تحديات تشوب الصورة وتحد من نتائج هذا التطور. يشهد كوكبنا تغييرات مناخية متسارعة تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على صحة الإنسان. لم تعد التغيرات المناخية مجرد ظاهرة بيئية، بل أصبحت تهديدًا حقيقيًا يمس حياتنا اليومية.

تغيرات مناخية وأمراض محتملة

تغير المناخ يعد واحدًا من أكبر التحديات التي تواجه البشرية في القرن الحادي والعشرين. تتجاوز آثاره البيئية لتؤثر على جوانب عديدة من الحياة، بما في ذلك الصحة العامة. ارتفاع درجات الحرارة، زيادة حدة الظواهر الجوية المتطرفة، ارتفاع مستوى سطح البحر، وتغير أنماط هطول الأمطار كلها عوامل تساهم في تفاقم العديد من المشاكل الصحية.

تأثير التغيرات المناخية على الأمراض في اليمن

الحرارة المتزايدة والجفاف يمكن أن يزيدا من انتشار الأمراض المعدية مثل الحمى الصفراء والملاريا والكوليرا، حيث تتوسع المناخات المناسبة للحيوانات الناقلة للأمراض. كما يمكن أن يؤدي التلوث والتغيرات البيئية إلى انتشار الأمراض الرئوية والتهابات الجهاز التنفسي.

تصريحات مسؤولي الصحة

قال جلال الزوعري، مدير عام البيئة وتغير المناخ والصحة في وزارة الصحة:
“اليمن يواجه أزمة إنسانية وصحية حادة نتيجة النزاع المستمر، حيث أدت الحرب إلى تدمير واسع النطاق للبنية التحتية الصحية. قبل النزاع، كانت هناك بالفعل صعوبات في الوصول إلى المرافق والخدمات الصحية، وبحلول عام 2017، كان 16.4 مليون يمني يفتقرون إلى الرعاية الصحية الأساسية.”

وأضاف الزوعري:
“تغير المناخ يزيد من تعقيد الوضع الصحي، حيث ترتفع تكاليف الرعاية الصحية. ومن المتوقع أن تزداد التكاليف الصحية الناتجة عن الأمراض المرتبطة بالمناخ، مما يزيد من الأعباء على المجتمع. مع ارتفاع درجات الحرارة، سيزيد انتشار الأمراض مثل الملاريا وحمى الضنك.”

وأشار إلى أن الفيضانات، التي تزايدت في السنوات الأخيرة، قد تؤدي إلى تفشي الأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا نتيجة تلوث مياه الشرب.

أكد الزوعري:
“العديد من المنشآت الصحية، خصوصًا الواقعة على الشريط الساحلي، ستتأثر بشكل كبير جراء الفيضانات وارتفاع منسوب المياه. في ظل سيناريو المناخ الجاف والحار، من المتوقع زيادة في الوفيات بسبب الأمراض المرتبطة بالمياه، مثل الكوليرا، مع توقع أن تصل حالات الوفاة إلى حوالي 11.9 لكل 100,000 شخص.”

 تداعيات تغير المناخ

التغيرات المناخية تؤثر على النظم البيئية وتزيد من انتشار الحشرات والحيوانات الناقلة للأمراض، مما يزيد من انتشار الأمراض المرتبطة بها مثل الحمى الصفراء والملاريا. وفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية (WHO)، من المتوقع أن يتضاعف عدد حالات الإصابة بالملاريا في مناطق معينة بحلول عام 2050 بسبب التغيرات المناخية.

تقول إيناس عبيد علي، مديرة مركز البساتين الطبي:
“تأثير تغير المناخ شديد وتهديد قوي على صحة الإنسان، حيث أن تلوث الهواء والظواهر الجوية والأمراض المنتشرة له تأثير على بعض الفئات الأكثر عرضة للإصابة، مثل حالات سوء التغذية، السل الرئوي، كبار السن وبعض حالات الأمراض المزمنة.”

وتضيف علي:
“أهم الأمراض والأوبئة المتوقع تفاقمها نتيجة تغير المناخ تشمل حمى الضنك، الملاريا، الإسهالات، الأعراض التحسسية، واللاشمانيا. فئات معينة في المجتمع مثل كبار السن، والأطفال، والحوامل، ومرضى السل الرئوي والربو، وبعض الفئات ذات الدخل المنخفض والمجتمعات المهمشة، هي الأكثر عرضة للتهديدات الصحية نتيجة لطبيعة عملهم أو إقامتهم في أماكن ذات مستويات عالية من التلوث.”

اكتئاب وقلق

تغير المناخ يمكن أن يؤدي إلى زيادة في معاناة الأشخاص من الاكتئاب والقلق والاضطرابات النفسية الأخرى بسبب الفوضى والتغيرات البيئية. أظهرت دراسة لجامعة هارفارد أن 25% من الأشخاص الذين يعانون من آثار تغير المناخ يظهرون أعراض اضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب.

تقول الأخصائية النفسية منيرة النمر:

“تؤثر التغيرات المناخية والضغوط النفسية المرتبطة بالقلق البيئي بشكل كبير على الصحة النفسية، مما يؤدي إلى ظهور مخاوف متعلقة بالمناخ مثل الكوارث الطبيعية وارتفاع درجات الحرارة. التغيرات المناخية قد تسبب صدمات نفسية حيث تحتاج عملية التعافي بعد الكوارث إلى وقت طويل، مما يزيد من مستويات التوتر والقلق.”

وتشير النمر إلى أن التغيرات المناخية تؤثر أيضًا على الحالة المزاجية، حيث يمكن لنقص ضوء الشمس في فصل الشتاء أن يؤدي إلى الاكتئاب الموسمي، فيما يمكن لدرجات الحرارة المرتفعة أن تزيد من العدوانية والتوتر. كما يمكن أن يؤدي تغير نمط الحياة الناتج عن الكوارث المناخية إلى فقدان التواصل الاجتماعي والشعور بالوحدة والعزلة.

 

مواجهة التحديات الصحية الناجمة عن التغيرات المناخية تتطلب تضافر الجهود على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. من خلال فهم هذه التحديات وتبني سياسات مستدامة، يمكننا حماية صحتنا وصحة الأجيال القادمة من خلال خلق وعي مجتمعي بالتغيرات المناخية وأسبابها وآثارها، مما سيولد توجه لدى كافة شرائح المجتمع للمساهمة في الحد منها والوقاية من أضرارها، وسيتولد سلام مستدام بالمجتمع.

 

تم نشر هذه المادة في موقع المشاهد نت

 

مقالات ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى