هذا المساء لا يليق بك، أيها الشاب، إلا أن تكون سعيدًا. هكذا قال لي شخص راحل في المنام، وصحوت على وقع كلماته، كأنها رسالة من عالم آخر تهمس لي بأن الحياة تستحق العيش مهما أثقلتنا أعباؤها. تلك الكلمات أضاءت داخلي شعلة من الشغف كادت تنطفئ، وكأنها جاءت لتذكرني بجمال التفاصيل التي نغفل عنها وسط صخب اليأس.
لكنني لا أزال أتساءل: لماذا يبدو الشباب مرهقين من الحياة؟ لماذا يهربون منها وكأنها لم تعد تحتملهم؟ حتى من وُلدوا وفي أيديهم مفاتيح الرفاهية، تجدهم غارقين في البؤس أكثر من أولئك الذين يكافحون من أجل قوت يومهم. أهو فراغ المعنى؟ أم أن السعادة التي نبحث عنها ليست كما تصفها الأوهام؟
الحياة ليست عدواً لك، أيها الشاب. الألم ليس خصمًا بل رفيق طريق. تخيل نفسك وأنت تكافح في ظلمة التحديات، ثم تنجح أخيرًا؛ ذلك الشعور بالانتصار هو أعمق ما قد تختبره روحك. المعاناة ليست عائقًا، بل هي ما يعطي للحظات الفرح قيمتها.
أنت لست آلة تعمل بلا شعور. أنت كائن مليء بالحياة، قادر على أن يحب، وأن يحلم، وأن ينهض من كبواته. الحب هو المغامرة التي تجعل الروح تزدهر، حتى وإن كسرتك تجربة أو خذلتك أخرى، لا تتوقف. الحب ليس تجربة واحدة، بل هو لغة الحياة، طريقة لتكتشف بها نفسك من جديد.
لا تخجل من أخطائك، فالذين نصفهم بالصلاح كانوا يومًا مثلك، يخطئون ويتعلمون، يتعثرون وينهضون. الأخطاء هي الحكايات التي تصوغ حياتك، وهي الوقود الذي يدفعك نحو النضج.
عش كما لو أنك ترسم لوحة، خطوطها ليست مستقيمة دائمًا، ألوانها ليست متناغمة طوال الوقت، لكنها في النهاية قطعة فريدة لا تُشبه أحدًا. كن كما أنت، بكل ما تحمله من شغف، من أخطاء، من حب. لأنك حين تعيش بروح متجددة، تصبح الحياة نفسها قصيدة، وأنت شاعرها الأعظم.