في زواية منسية من الروح، حيث تلتقي أصداء الحقيقة بصدى الخيال، جلست مع ذاتي في حوار داخلي عميق. هناك، في الفراغ اللامتناهي بين الواقع والعدم، تبلورت أسئلة كنجوم بعيدة، تضيء سماء الفكر ولكنها تظل بعيدة المنال.
سألت نفسي: أأنت حقيقة أم سراب أيكون العالم الذي نراه إلا انعكاساً لما نؤمن به ؟ أهو لوحة زيتية تتداخل فيها ألوان الحقيقة والخيال حتى يصعب التمييز بينهما؟ أم أن الخيال مجرد هروب من قسوة الواقع، ملاذٌ نلوذ إليه حين تضيق بنا الحقيقة ؟
تذكرت حينها كيف يجرفنا الخيال في لحظات الصفاء، ويُحلق بنا فوق سماء الممكنات، بينما تشدنا الحقيقة نحو الأرض، نحو ما هو ملموس ومحدد. لكن أيكون هذا التوتر بين الحقيقة والخيال إلا جزءاً من رحلتنا الإنسانية، تلك الرحلة التي نعيشها ونحن نتأرجح بين ما هو كائن وما يمكن أن يكون؟
في هذا الحوار الصامت بيني وبين نفسي، أدركت أن الحقيقة والخيال ليسا عدوين متناحرين، بل هما وجهان لعملة واحدة، الخيال يغذي الروح بالإلهام والأمل، بينما ترسي الحقيقة أقدامنا على أرض الواقع. نحن بحاجة إلى كليهما لنعيش بتوازن، فبدون الخيال تصبح الحياة مجرد روتين بارد، وبدون الحقيقة يغدو الخيال حلماً بلا جذور.
لكن الأهم من كل هذا، هو أن نعي أننا نحن من يحدد حدود الحقيقة والخيال. نحن من نختار كيف نرى العالم، وكيف نسمح لهذه القوى المتعارضة بأن تتعايش داخلنا فربما، في نهاية المطاف، يكون التوازن بينهما هو ما يجعلنا نعيش حياة ذات معنى، حياة تأخذنا بين النجوم وتعيدنا إلى الأرض.
هكذا، يظل الحوار مع الذات مستمراً، بحثاً عن ذلك التوازن الدقيق، بين الحلم واليقظة، بين الحقيقة والخيال.
هذا ظاهر ما تراه واقعاً على شاشة حاسوبك… فما حقيقة ما خلف ذلك الواقع المَّرمز…؟