مقالات

الأمراض النفسية بين الواقع والخرافة

حدث نيوز :جليل احمد

مع تزايد انتشار الأمراض النفسية في الأوساط الاجتماعية، لا سيما في الأرياف اليمنية، تتعمق الاعتقادات بالخرافات والسحر، حيث يُرجع البعض هذه الأمراض إلى تأثيرات خارقة بدلاً من أسباب علمية. هذه المعتقدات تدفع العديد من العائلات إلى تجنب عرض مرضاهم على الأطباء النفسيين، مما يؤدي إلى تفاقم الحالات المرضية وتدهورها بشكل خطير بسبب الإهمال.

أسباب شيوع الاعتقاد بالسحر لدى المرضى النفسيين
يتجه بعض الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية إلى الاعتقاد بأنهم ضحايا للسحر، ويرجع ذلك إلى عوامل متعددة ترتبط بمعتقداتهم الثقافية وتجاربهم النفسية، ومنها:

• الانفصال عن الواقع:

في بعض الأمراض النفسية، مثل الفصام أو الاضطرابات الذهانية، قد يعاني المرضى من الهلاوس والأوهام التي تجعلهم يفسرون تجاربهم على أنها ناتجة عن قوى خارقة، كالسحر أو الجن.

• الشعور بالعجز

عندما يفشل الشخص في إيجاد تفسير واضح لمعاناته النفسية أو الجسدية، يلجأ إلى تفسيرات غير منطقية مثل السحر، خصوصًا إذا كان يعيش في بيئة تفتقر إلى الوعي الطبي.

• الضغوط الثقافية والاجتماعية:

تلعب الثقافة دورًا محوريًا في تشكيل قناعات الأفراد. في المجتمعات اليمنية والعربية، تُعد الخرافات والسحر جزءًا من التفسيرات الشعبية للمشاكل الصحية، مما يدفع المرضى لتبني هذه الأفكار.

• الانعزال الاجتماعي:

يعاني المرضى النفسيون غالبًا من عزلة اجتماعية أو فقدان للدعم، مما يجعلهم عرضة لتبني أفكار غريبة لتفسير معاناتهم. الاعتقاد بالسحر قد يكون محاولة لتبرير إحساسهم بالاضطهاد أو الوحدة.

• التوتر والضغط النفسي

التوتر المزمن والاكتئاب قد يؤديان إلى تصورات مشوهة للواقع، حيث يميل المرضى إلى الاعتقاد بوجود قوى خارجية تتحكم بحياتهم، مثل السحر أو العين الحاسدة.

 الوعي والمعرفة

تتجسد قصة فؤاد كنموذج للتداخل بين المرض النفسي والخرافة  فؤاد شاب من أبناء مدينة إب، تعرض لضغوط الحياة المستمرة التي يعيشها في اليمن، مما أدى إلى إصابته باكتئاب حاد. بسبب الإهمال في علاج حالته، تطور المرض ليصل إلى وسواس قهري، وأصبح يعتقد أنه مستهدف من الجميع. بدأ يشك في أن هناك من يمارس السحر ضده، واعتقد أن أقرباءه يتآمرون للإيقاع به.

وفي ظل بيئة يغلب عليها الجهل والتخلف، لجأت عائلته إلى عدة مشعوذين وأطباء روحانيين، أكدوا له أنه ضحية سحر. هذه المحاولات لم تعالج حالته، بل زادت من تدهور وضعه الصحي والنفسي بسبب الأدوية غير الموثوقة والطقوس الغريبة التي خضع لها.

لاحقًا، وبعد تفاقم حالته، اقترح أحد أفراد المجتمع عرضه على طبيب نفسي. أثبت التشخيص أنه يعاني من اضطراب نفسي قابل للعلاج. أوضح الطبيب أن حالته تفاقمت بسبب المعتقدات الدينية والثقافية التي تؤثر في فهم المرض النفسي.

حالة فؤاد هي واحدة من بين آلاف الحالات المشابهة في القرى اليمنية. نحن بحاجة ماسة إلى نشر الوعي حول الأمراض النفسية والتخلص من الخرافات والمعتقدات الخاطئة، وذلك لتوفير العلاج المناسب وتقليل معاناة المرضى ومنع تدهور حالاتهم الصحية  .

مقالات ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي الزائر نحن نستخدم الإعلانات كعائد مادي للاستمرار لأنه ليس لدينا أي دعم سوى الإعلانات