أخبار عربية ودولية

هناك فرق بين من يحزن لاستشهاده وبين من يقتل وفي رقبته الآلاف من القتلى السوريين: الفرق بين يحيى السنوار وحسن نصر الله

حدث نيوز: عرفات الشهاري

في ساحة الصراع العربي والإسلامي ضد الاحتلال الإسرائيلي، ظهرت شخصيات قادت المقاومة وسطروا ملاحم في الدفاع عن الأوطان والشعوب المضطهدة، لكن مع تعقد الأوضاع الإقليمية والتشابك السياسي، برزت الفوارق بين قادة المقاومة الذين حافظوا على نهجهم النقي وبين آخرين انغمسوا في الصراعات الإقليمية وأصبحوا شركاء في قتل المدنيين، لعل أبرز هذه المفارقات تكمن بين شخصيتين رئيسيتين في العالم الإسلامي: يحيى السنوار قائد حماس في غزة، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله في لبنان.

يحيى السنوار: رمز المقاومة النقية

منذ انخراطه في حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، كرّس يحيى السنوار حياته للنضال ضد الاحتلال الإسرائيلي، السنوار الذي عاش سنوات طويلة في السجون الإسرائيلية بعد إدانته بقتل جنود إسرائيليين، أظهر التزاماً راسخاً بقضية تحرير فلسطين، وبعد إطلاق سراحه في صفقة تبادل الأسرى عام 2011، عاد إلى قيادة حماس، مؤكداً على التزامه الثابت بالمقاومة المسلحة.
السنوار شخصية ميدانية قبل أن يكون زعيماً سياسياً، يقف جنباً إلى جنب مع أبناء غزة، يشاركهم حياتهم ومعاناتهم، ويعيش تحت نفس القصف والتهديدات التي يتعرض لها أبناء شعبه، لم يُعرف عنه الدخول في تحالفات إقليمية تتعارض مع مبادئ المقاومة أو المشاركة في نزاعات داخلية، مما جعله رمزاً نقيًا للمقاومة التي تتحدى الاحتلال مباشرة.

حسن نصر الله: من قائد مقاومة إلى شريك في قتل الأبرياء

على الجانب الآخر، كان حسن نصر الله لفترة طويلة يمثل صورة القائد المقاوم ضد الاحتلال الإسرائيلي، خاصة بعد الانتصار الذي حققه حزب الله في تحرير جنوب لبنان عام 2000 وصموده خلال حرب 2006، نصر الله بنى حزب الله على أسس قوية، متمسكاً بنهج المقاومة المسلحة ضد إسرائيل، واكتسب احتراماً واسعاً في العالم العربي والإسلامي،
إلا أن الدور الذي لعبه حزب الله تحت قيادة نصر الله في الحرب السورية بدأ يثير الكثير من التساؤلات والانتقادات، فمنذ تدخله لدعم النظام السوري في 2012، تحول حزب الله من قوة مقاومة ضد الاحتلال إلى قوة تخدم مصالح إقليمية، وخاصة إيران، على حساب حياة الآلاف من المدنيين السوريين الذين فقدوا أرواحهم في الصراع، نصر الله، الذي كان يُحتفى به كقائد مقاومة، بات مشاركًا في قتل الأبرياء ودعم أنظمة قمعية.

الفرق الجوهري: الدماء البريئة وأمانة المقاومة

الفرق الأساسي بين يحيى السنوار وحسن نصر الله لا يكمن في الأيديولوجيا فحسب، بل في طريقة تعاملهما مع القضايا الإقليمية، السنوار ظل ملتزماً بمحور واحد وهو محاربة الاحتلال الإسرائيلي وتحرير فلسطين، لم ينخرط في نزاعات إقليمية ولم يُدعم من قوى خارجية مقابل مواقف تتعارض مع مصالح شعبه، بل إنه فضل التركيز على القضية الفلسطينية فقط، وهذا ما منحه مكانة كبيرة في قلوب الملايين الذين يرون فيه رمزًا للنقاء الثوري،
أما نصر الله فقد سمح لحزب الله بأن يصبح أداة لتحقيق مصالح إيرانية في المنطقة، وعلى رأسها دعم النظام السوري، هذا التدخل أوقع آلاف الضحايا من المدنيين، وأدى إلى نزوح الملايين من السوريين، بهذا، تحول نصر الله من رمز المقاومة الذي يواجه الاحتلال إلى قائد يُحمل في رقبته مسؤولية مقتل الآلاف من الأبرياء في سوريا.

استشهاد القادة والمحاسبة على الجرائم

حين نسمع عن استشهاد قادة المقاومة مثل يحيى السنوار، يشعر الناس بالحزن والأسى على فقدان شخصية كرست حياتها من أجل قضية عادلة، فالسنوار لم يُعرف عنه الانخراط في صراعات دموية ضد المدنيين، ولم تتلطخ يديه بدماء الأبرياء، كل ما قام به كان موجهاً ضد العدو المحتل،
في المقابل، يواجه حسن نصر الله انتقادات واسعة لدوره في الحرب السورية ودعمه لنظام يقتل شعبه، فبينما يحزن الناس على استشهاد السنوار، يبقى نصر الله محاطًا بشعارات المقاومة التي باتت جوفاء أمام دماء السوريين التي أُريقت بسبب تدخلاته.

المقاومة بين المبادئ والمصالح

أصبحت المقاومة في العالم العربي والإسلامي محط جدل كبير، بين من يرى فيها واجباً مقدساً لتحرير الأوطان وبين من استغلها كأداة لتحقيق مصالح سياسية أو شخصية، السنوار يمثل الوجه الأصيل للمقاومة التي تلتزم بمبادئها ولا تنحرف عن مسارها لتحقيق مكاسب آنية، أما نصر الله فقد انحرف بحزب الله عن مساره الأصلي، وربط مصير المقاومة بمصالح دول خارجية، مما أضعف الحزب وأفقده جزءًا من شعبيته.

الخاتمة

في عالم السياسة والمقاومة، ليس كل من يحمل السلاح ضد الاحتلال يستحق الاحترام إذا ما تلطخت يداه بدماء الأبرياء، هناك فرق واضح بين من يقاتل من أجل تحرير أرضه ويضحي بنفسه من أجل شعبه، وبين من يستغل راية المقاومة ليخدم مصالح دول أخرى ويشارك في قتل الأبرياء، يحيى السنوار سيظل رمزاً للمقاومة النقية، بينما حسن نصر الله سيتحمل عبء الجرائم التي شارك فيها خلال الحرب السورية.
وستظل هذه المفارقة قائمة بين من يُحزن لاستشهاده وبين من تُثقل رقبته بدماء الأبرياء.

مقالات ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى