حدث نيوز: أركان سعيد الوافي
بعد أن كانت تحلم بتحسن حالة طفلها “شادي” جاءت الحرب وخلفت ورائها أكوام من المعاناة ودمرت أحلامها كأي أم تفكر بولدها، خاصة عندما يكون من ذوي الاحتياجات الخاصة.
“نسرين سعيد” نموذج يحكي قصة كفاح ومعاناة الأمهات، لم تستسلم للمعاناة التي خلفتها الحرب، فقررت تأسيس “مؤسسة إيلاف لذوي الاحتياجات الخاصة”، لتخوض التحدي مع بقية الأمهات من أجل تعافي أولادهن المعاقين بعد أن تركو لقدرهم وسط الحرب.
تسرد حكايتها لـ”حدث نيوز“، قائلة: “أحد أبنائي يعاني من الضمور الدماغي، إعاقة متوسطة منذ ولادته، وكان يتلقى العلاج والتأهيل قبل الحرب في صنعاء، وكانت الأمور متيسرة، وكان صندوق رعاية المعاقين يتكفل بعلاجهم وتدريسهم، وبإحتياجات فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، وجاءت الحرب وأغلقت المراكز وتلاشت الخدمات، وزادت المعاناة في انعدام الأدوية وارتفاع تكاليفها”.
معاناة النزوح
كغيرها من ملايين اليمنيين، ممن ألقت عليهم الحرب ببؤسها، وقرروا النزوح بحثًا عن المكان الأمن، ومعيشة أفضل، اضطرت “نسرين”، للنزوح إلى محافظة مأرب، مع أسرتها وولدها “شادي”.
وفي مأرب، تقول “نسرين”، إنها “فوجئت بمدينة نائية لا يوجد فيها مكان لذوي الاحتياجات الخاصة، فلا صندوق للمعاقين، ولا مراكز تدريب وتأهيل، ولا خدمات تقدم لهذا الفئة من الأطفال”.
بداية المشروع
عندها قررت “نسرين”، بدء عملها من غرفة بمنزلها المتواضع، وبدء الأمل بعد استجابة فاعل خير من أبناء مأرب لتوفير الدعم لها، وأقدمت على إنشاء مؤسسة إيلاف لدعم العلاج الطبيعي للأطفال، في العام 2019م. واستأجرت مقرًا كبيرًا يتسع لأقسام عدة للعلاج الطبيعي، كقسم النطق والتخاطب، وغيرها، واستقدام مختصين للعمل في المؤسسة، وتقديم خدماتها بشكل مجاني، “.
استجابة وتحسن
“أم مشعل” التي تصف معاناتها مع طفلها المصاب بـ “بسحايا في الدماغ”، بالشديدة، وأنها ازدادت مع الأدوية المستمرة وغياب مراكز للعلاج الطبيعي. هي إحدى المستفيدات من المؤسسة التي أسستها وتديرها “نسرين”، وأشارت إلى أنها منذُ بداية الذهاب بطفلها إلى المؤسسة وتلقي التأهيل والعلاج الطبيعي، بدأ بالتحسن والحركة والنطق، وكل يوم تجد استجابة وتلمس تحسن بطفلها أكثر فأكثر.
أسباب الإعاقة
ويقول مختص العلاج الفيزيائي والطبيعي في المؤسسة صدام الشغدري” لـ”حدث نيوز”: إن أسباب الإعاقة تتمثل في الضمور الدماغي كسبب شائع، والأكثر هو تعسر في الولادة أو نقص الأكسجين أثناء الولادة.
ويتابع: “أيضا هناك العديد من الأسباب منها مرضية، مثل التهاب السحايا، واستسقاء الدماغ والحمى الشوكية المزمنة، وأمراض قد تصيب الأم أثناء الحمل، وهناك إعاقة خلقية نتيجة أمراض وراثية، وهذه سببها زواج الأقارب.
وأوضح الشغدري بأن الخدمات التي يتم تقديمها في المؤسسة هي التمارين العلاجية والمشي والوقوف في قسم العلاج الطبيعي، بالإضافة إلى تدريب الأمهات أو الآباء طريقة تدريب أولادهم في المنزل، وكيفية التعامل معهم. مشيرًا إلى أنه يتم تشخيص الحالة المعاقة وتدوينها في السجل، ومن ثم وضع البرنامج أو الخطة العلاجية بحسب الإعاقة، ومن ثم تنفيذ البرنامج العلاجي بالتدريج للمعاقين يوميا”.
صعوبات وتحديات
وبالرغم من الخدمات التي تقدمها المؤسسة إلا أنها تحتاج لدعم مستمر، فهناك أكثر من 1800 طفل بحاجة للأدوية والخدمات، فالاحتياج أكبر مما كانت تتوقع. حد قول نسرين.
وتوضح، أن هناك صعوبات مستمرة تتمثل في نقص الكوادر والميزانية وارتفاع النفقات التشغيلية، بالإضافة إلى الحاجة لوسائل مواصلات “حافلات” حتى يتم من خلالها توصيل المعاقين. وتشير إلى أن هؤلاء الأطفال بحاجة لمركز خاص بذوي الاحتياجات الخاصة بحجم أكبر يتسع لفئات أخرى مثل التوحد والاعاقات الذهنية واعاقات حركية متوسطة.
أمل وتفاؤل
ورغم كل تلك الصعوبات، إلا أن لدى “نسرين” أمل وخطط مستقبلية لبناء مركز متكامل، يضم صالات للعلاج وفصول دراسية وصالات رياضية. مشيرة إلى حصولها على قطعة أرض من فاعل خير من أبناء محافظة مأرب لأجل المشروع، وأنها بصدد البحث عن تمويل لتشيده”. داعية الجهات الرسمية والمنظمات وفاعلين الخير إنشاء صندوق لرعاية تأهيل المعاقين، ودعم مثل هذه المشاريع التي تهتم بالأطفال المعاقين.
نسرين وطفلها
أما عن تجربتها مع طفلها “شادي” وحلمها تقول : أتمنى كأم لطفل معاق أن تتحسن حالته وتوفر له الرعاية اللازمة في العلاج الطبيعي، والتأهيل والتدريب، حتى يتمكن من الخروج بين الناس ومواجهة المجتمع، وأن تحقق له ولكل الأطفال المعاقين العيش في بيئة آمنة ومستقرة”.
تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع تعزيز أصوات النساء من خلال الإعلام الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي.