مقالات

“الصمت…”

حدث نيوز: رأفت المليكي

قد نعتقد أن لحظات الصمت فارغة وخالية من المعاني وأنها مجرد مساحة بدون كلمات، وأن الأحلام لا صورة لها ولا وصف يعبر عنها. لكن الصمت في الواقع هو لغة خاصة تتحدث بها الروح حين يعجز اللسان عن التعبير وتقف الحروف موقف الحياد. وفي أعماق الصمت تلمع الأحلام كنجوم في ليلة هادئة دون الحاجة إلى صوت لتُسمع، فحديثها أعمق وأصفى بكثير مما يمكن للمفردات أن تنقله.

الصمت ليس هروباً من الواقع، بل هو محطة من التأمل تفصلنا عن ضجيج الدنيا وتمنحنا فرصة للتواصل مع أعماق وجداننا. في صمتنا العابر قد نصادف حلماً قديماً نسيه القلب أو تناساه، كان يوماً ما مختبئاً في زاوية مهملة داخل النفس بعيداً عن الأعين، يترقب لحظته المناسبة ليظهر برفق ولطف.لا صراخ للأحلام، بل حديث بلغة لطيفة أرق من النسيم في خلوة مع الذات بعيداً عن صخب العالم.

في حضرة الصمت لا شيء يحجب صوت الروح حيث نواجه أحلامنا التي طالما تجاهلناها ونحن نلاحق ما لا يشبهنا. في صفاء تلك اللحظات يظهر الحلم بكل بساطته وجماله، كزهرة تتفتح في بستان خفي لم يلاحظه أحد. الحلم هنا ليس فقط مجرد فكرة أم أمنية، بل هو بوصلة ترشدنا نحو مسارنا الحقيقي بعيداً عن الأوهام التي زرعها الآخرون في داخلنا.هنا تتحدث الأحلام بصوت الصمت ويبدأ القلب بالإنصات بطريقة جديدة لم يعهدها من قبل. كل نبضة تتحول إلى لحن يعزف نغمة حلم قديم، وكل نفس يصبح خطوة نحو عالم جديد. إنها لحظة

تناغم داخلي يتوقف فيها الزمن ليمنح الحلم فرصة للتحرر والإنطلاق.

هذا الحوار النقي بين الصمت والأحلام لا أحد يستطيع فهمه ما لم يكن قلبه مليئاً بالأمل. إنه حديث بلا كلمات لكنه يترك أثراً عميقاً في الروح ويُضيء الطريق نحو المستقبل، من هذا الصمت تنبع القوة التي لطالما فقدناها ونجد الشجاعة لنحلم من جديد ونكتشف الطريق الذي يقودنا نحو آفاق جديدة وعوالم من الصور المضيئة والجمال الذي لا يُرى بالعين المجردة بل يُحس بالشعور الصادق المنبثق من الأعماق.

الأحلام التي تولد في الصمت هي الأحلام التي تكبر بعمق وتزهو في أوقات لا نتوقعها.

مقالات ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي الزائر نحن نستخدم الإعلانات كعائد مادي للاستمرار لأنه ليس لدينا أي دعم سوى الإعلانات